الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

اخبار محلية

الملك فيصل والمخطوط العربي: ذاكرة أمة ورعاية ملكية

يُعد اهتمام المملكة العربية السعودية بالمخطوطات العربية علامة بارزة في مسيرة الثقافة العربية المعاصرة. وقد تجلّى هذا الاهتمام في اللقاء التاريخي الذي جمع بعثة معهد المخطوطات العربية بالملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في فبراير 1973م (7 محرم 1393هـ) بمقر مجلس الوزراء في الرياض.

لم يكن هذا اللقاء مجرد مناسبة بروتوكولية، بل عكس رؤية ملكية تعتبر المخطوط العربي وعاءً حيًّا للمعرفة وذاكرة تحفظ هوية الأمة. وقد أبدى الملك فيصل اهتمامًا شخصيًّا بأعمال البعثة، ما رسّخ قناعة راسخة بأن المملكة تتبنى دورًا محوريًا في صون التراث المخطوط.

وفي مطلع العام ذاته، وضع الملك فيصل حجر الأساس لمكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة (3 محرم 1393هـ / 6 فبراير 1973م)، والتي خُصصت فيها قاعة للمخطوطات والكتب النادرة، لتكون منارة علمية تحفظ التراث وتخدم الباحثين.

وأشار الباحث عصام محمد الشنطي، رئيس المفهرسين في معهد المخطوطات العربية، في دراسته “مع المخطوطات في السعودية شرقًا وغربًا”، إلى أن لقاء الملك فيصل بالبعثة مثّل نقطة تحوّل في مسار التعاون العلمي بين المملكة والمعهد، وأسّس لإنجازات نوعية في التوثيق والتصوير.

وفي العام نفسه، أُوفدت البعثة الثانية للمعهد، والتي عُرفت بـ”أمّ البعثات”، نظرًا لغناها وتنوّع أنشطتها، حيث زارت 22 مكتبة عامة وخاصة في مختلف مناطق المملكة، وتمكنت من تصوير 428 مخطوطًا أصيلًا بلغ مجموع أوراقها نحو 65,470 ورقة. كما وثّقت سبعة مخطوطات نادرة من مكتبة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، مما أبرز إسهامات الأسر العلمية السعودية في حفظ التراث.

أسّست هذه الجهود لعلاقة استراتيجية بين المملكة ومعهد المخطوطات العربية، تجلّت لاحقًا في مبادرات نوعية، أبرزها تأسيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 1403هـ (1983م)، والذي يضم نحو 30 ألف مخطوط أصلي، ويُعد من أبرز المؤسسات العربية في مجال الترميم والمعالجة والتوثيق .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى